وأخيرا، خرج خاطفو "الزوار" اللبنانيين التسعة عن صمتهم، وخرجوا ببيان يحدّدون فيه "شروطا مفترضة" لاطلاق اللبنانيين..
صحيح أنّ "لغة" البيان الذي صدر عن "لواء عاصفة الشمال" لم تحمل جديدا، وهو الذي عاد إلى "نغمة" أنّ المخطوفين ليسوا بـ"زوار" بل هم "أعضاء في حزب الله"، مستندين في ذلك إلى عدم وجود "مقامات دينية" في أعزاز، علما أنّ المخطوفين كانوا في زيارة للأماكن المقدّسة في إيران لا في أعزاز، وأنهم كانوا في طريق العودة إلى لبنان حين تعرّضوا للخطف..
وعلى أمل حصول "الخاتمة السعيدة" التي طال انتظارها في قضية المخطوفين، مع حديث المعنيين بالملف عن "مؤشرات إيجابية" على هذا الصعيد، بقي خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في صدارة الاهتمام خلال عطلة عيد العمّال، حيث شكّل "مادة جذبة" للردود، التي كان أعنفها هجوم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي عاد للون "الأسود" واصفا به مشروع "حزب الله" في لبنان وسوريا!
بين نصرالله و"خصومه"..
كما كان متوقعا، لم يمرّ خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مرور الكرام، بل بدا بمثابة "طبق دسم" للحلفاء والخصوم في آن، حيث شكّل خلال عطلة عيد العمال مادة أساسية للردود والردود المضادة. فإذا كان السيد نصرالله أكد في خطابه أنّ "حزب الله"، الذي لا يخجل بأيّ عمل يقوم به، لا يقف وراء إطلاق "الطائرة المفترضة" إلى القدس، فإنّ حديثه عن الأزمة السورية وقوله أنّلسوريا أصدقاء حقيقيين في العالم لن يسمحوا بسقوطها بيد أميركا وإسرائيل والجماعات التكفيرية، معطوفا على جزمه بأنّ "حزب الله" لن يترك اللبنانيين القاطنين في القرى السورية الحدودية عرضة لاعتداءات الجماعات المسلّحة، وتشديده على ضرورة حماية المقامات الدينية وفي مقدّمها مقام السيدة زينب، حفل بالمواقف المؤيدة تارة والرافضة تارة أخرى.
ولعلّ الرد "الأعنف" على السيد نصرالله أتى من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، رغم قول الأخير أن "لا رغبة لديه في مجادلة السيد نصرالله"، إذ اعتبر أنّ "نصرالله اختار وبشكل نهائي أن يقف في صفوف الظالمين وأن يعلن التزامه خط الدفاع حتى الموت عن نظام بشار الاسد"، ورأى أن "أخطر ما ورد على لسان الأمين العام لحزب الله لا يتعلق بموقفه من الثورة السورية، ولا بدفاعه المستميت عن بشار الاسد، انما يتعلق بذلك الربط الانتحاري بين المسألة السورية وبين لبنان"، على حدّ تعبيره. وذهب لحدّ القول أنّ نصرالله أعلن قيام ما أسماه بـ"جيش الدفاع عن الشيعة اللبنانيين في المنطقة والعالم"، مستنتجا من كلامه أنّ "الدولة اللبنانية مجرد صفر على الشمال، وهي رهينة إلى الأبد بيد حزب الله".
وفيما خلص الحريري إلى أنّ ما أعلنه السيد نصرالله هو مشروع "أسود" أقلّ ما فيه أنّه "يعمل على استدراج لبنان الى الحريق الذي بشرنا به الاسد"، داعيا اللبنانيين بكلّ اتجاهاتهم إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في مواجهة هذا المشروع والتعبير عن رفضه بكل الوسائل الديمقراطية، كان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع يردّ، وعلى جري عادته، على خطاب السيد نصرالله، حيث شدّد على أنّ النظام السوري سيسقط كما سقط غيره، رافضا التحجّج بحماية مقام السيدة زينب وريف القصير لحماية الشيعة، متوجّها إليه بالقول: "إذا كان النظام قويا فهو لن يكون بحاجة وجودكم وإن كان ضعيفا فإنّ وجودكم لن يقدّم ولن يؤخّر".
سجينات سوريا مقابل مخطوفي أعزاز؟
سياسيا، راوحت الملفات الحسّاسة مكانها، من ملف قانون الانتخاب الذي لم يطرأ عليه جديد مع بروز إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان نيته تشكيل لوائح انتخابية من كل الطوائف وفي كل لبنان إذا تمّ إقرار القانون الأرثوذكسي، مستندا بذلك إلى أنلديه حضورا في كلّ الطوائف باعتباره ابن المؤسسة العسكرية ورئيس الجمهورية، كما قال، إلى ملف الحكومة التي بقيت "عالقة"، مع تسجيل اللقاء الذي جمع رئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجية والنائب سامي الجميل، والذيطرح في أعقاب فرنجية فكرة حكومة "8-8-8"، شرط أن يكون الفريق الثالث فريق "مستقلين" قولا وفعلا، لا "المستقلين" الذين يتمّ طرحهم وهم في الواقع غير مستقلين.
وبانتظار تصاعد "الدخان الأبيض" من هذين الملفين، هناك دخان أبيض من نوع آخر ينتظره اللبنانيون منذ أشهر طويلة، وهو المرتبط بملف المخطوفين اللبنانيين في سوريا، وقد عادت هذه القضية لتتحرّك خلال الساعات القليلة الماضية بشكل لافت، حيث تحدّث وزير الداخلية مروان شربل عن "شروط لاطلاق المخطوفين على مراحل"، توازيا مع إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عنالتوصل لـ"آلية جديدة" للافراج عن المخطوفين، قبل أن يخرج "لواء عاصفة الشمال"، الذي تبنى عملية الخطف سابقا، ليفصح للمرة الأولى عن "شروط" لانجاز "صفقة" إطلاق المخطوفين، وأولها "الافراج عن الحرائر البريئات القابعات في سجون نظام الأسد"، كما ورد في بيان صادر عنه كشف عن "تشكيل لجنة وساطة دولية من تركيا وقطر وهيئة العلماء المسلمين تمّ تسليمها أسماء الحرائر".
وفيما جدّد "لواء عاصفة الشمال" القول أنّ مشكلته هي مع "حزب الله" الذي اتهمه بـ"مشاركة نظام الأسد في قتل الأطفال واغتصاب النساء"، معلنا أنّ المخطوفين اللبنانيين ليسوا بزوّار بل أعضاء في الحزب المذكور، حرص أهالي المخطوفين على تأكيد استمرارهم بتحرّكاتهم حتى تحرير المخطوفين، وقد أوضح عضو لجنة متابعة هذه القضية دانيال شعيب لـ"النشرة" أنّ "هناك تنسيقاً يجري بشكل مباشر بين مفاوض لبناني وآخر سوري من الخاطفين برعاية تركية"، فيما رأى الشيخ عباس زغيب، المكلف من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى متابعة ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، ان البيان الصادر عن لواء عاصفة الشمال "يؤكد مسؤولية تركيا عن الافراج عن المخطوفين وانها القادرة على انهاء هذا الملف".
كلمة أخيرة..
تماما كما غابت عن الواجهة خلال الفترة الماضية، عادت قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا إلى الواجهة خلال الساعات القليلة الماضية، و"تحرّكت" بشكل فاعل على مختلف الصعد..
وإذا كانت التجربة السابقة أثبتت أنّ "المؤشرات الايجابية" لا تكفي، فإنّ اللبنانيين يأملون أن يكون حديث "الشروط" الذي ارتفع للمرة الأولى منذ بدء القضية "بادرة إيجابية" من شأنها أن تفتح "النوافذ" أمام "حل قريب" لقضية طال أمدها كثيرا، حتى اتهمت الدولة اللبنانية، قبل غيرها، بالتواطؤ والتقصير في معالجتها..